ليست متأخرة.. بل متأخرة جداً
لن أتظاهر بالغباء لمجرد التعامل مع أغبياء
...لن أرتدي قناع الذئاب للتأقلم مع ذئاب الغابة
لن أبتسم في وجوههم الباسمة لي وأنا أدرك أنها أقنعة
لن أدير لهم ظهري بثقة وأنا ألمح خنجر الغدر في أيديهم
لن أسقي بماء صحتي شجرة ليست في أرضي.. ولن يأكل أطفالي من ثمارها
لن أنهك يديّ بالتصفيق.. لمجموعة مهرجين يتراقصون على ركام قيمهم ومبادئهم
لن أرهق شموخ عُنقي بمتابعة تفاصيل ارتفاع الطائرات الورقية
لن أسمح للبالونات التي ملأتها بأنفاسي يوماً أن تنفجر في وجهي بوقاحة
لن أبكي على أطلال تذكرني بغبائي ذات حكاية فاشلة ومرحلة مؤلمة
لن أتمادى في التضحيات العظيمة في زمن تغيرت فيه مفاهيم الكثير من التسميات
لن أستمر في قيادة القافلة والكلاب تنبح حولي... قبل أن ألقمها حجارة تُسكتها للأبد
لن أخترع لغة للتعبير عن سعادتي معهم.. وأنا أدرك أن سعادتي آخر اهتماماتهم
لن أجرب الطيران إليهم وأنا أُدرك أن سقوطي أجمل أمانيهم
لن أسمح لحسن الظن في الآخرين بأن يُضللني لدرجة اعتبار خنجرهم في ظهري خطأ رماية
لن أضيع صوتي في سرد حكاية قميص الذئب وبراءته في مدينة الصُّم
لن أسهر الليل أزرع الورد في طريق روح تفننت في زراعة الأشواك في قدمي قبل دربي
لن أنادي على سفينة غافلني أصحابها وأبحروا إلى حيث لا يريدونني أن أعلم
لن أتنازل عن تاريخ أجدادي وعاداتهم وأصارع خُشباً مُسنّدة كي أثبت لهم أنني الأقوى
لن أقتل نفسي جوعاً كي أشرح لهم أن قضية الجوع في العالم تهمني
لن أغامر بالرغيف الأخير من قوتي... كي أؤكد لهم.. أن إعطاء الخبز لغير خبازه يحرقه ويفقدنا إياه
لن أغدر بالسفينة كي أوضح لهم أن الثقب فيها لا يمنح النور، بل يمنح الغرق فقط
لن أغلق أبوابي في وجه الريح المؤذية كي أستريح... بل سأفتح للريح أبوابي وألقنها درساً
لن أفتح للحنين أبواب ليلي وأنا أعلم أن الحنين لا يحمل لي في حقائبه إلاّ هدايا الحزن والألم
لن أدنِّس وفائي وأتلوث بالخيانة لمجرد أن أردّ لأحدهم صفعته بمثلها
لن أفتح الدفاتر القديمة وأنبش قبورهم.. كي أتأكد من موتهم فـيَّ
لن أتمنى الموت.. لأن أحدهم أشعرني ذات خذلان.. بأن الحياة قد انتهت باختصار..
لن أنسف تاريخي الأدبي وأهين قلمي بالتواضع لكائنات، كل رصيدها في عالم الكتابة جملتان
وسطران وفاصلتان.. ورسائل متعوب عليها وجماهير وهمية.. ونقطة في آخر السطر
شهرزاد الخليج