الكراسة الزرقاء

امتدت يدها الى محتويات الدرج الخاص فى مكتبها تذكرت فجأة قلما أسودا كان هو القلم الذى تعودت أن تكتب به أشياءها الخاصة خطاباتها الشخصية خواطرها التى تبثها أدق مشاعرها.
كان القلم قد أستقر ضمن محتويات هذا الدرج منذ فترة لكنها فى ذلك اليوم أحست حنينا خاصا أن تلمسة تنزع غطاءه وتملاء جوفة بالحبر الأسود ثم تعود الى أوراقها وتكتب.
أحتضنت أصابعها القلم فى شوق جلست تخط رسوما غير محددة ثم تكرمش الورقة فى كفها وتلقى بها فى سلة المهملات مرت دقائق كانت تقطع خلالها الطريق الىمناطق متشابكة داخلها وأخيرا بدأت تكتب
كان اليوم غير عادى التقيت لأول مرة ب"طارق" كان ذلك خلال الندوة الثقافية التى أقامتها أسرة شموع بالكلية القى طارق مجموعة أشعار رائعة لنزار قبانى كان صوتة يصل الى القلب وكأن الكلمات تخرج من أعماقة تحمل أحساسا خاصا تعطى للكلمات حياة ونبضا حقيقيا انة أداء جميل ينم عن تذوق أصيل للكلمة والشعر والأدب سألته بعد أن انتهى من مساهمتة المتميزة فى الندوة
يبدو أنك متعمق فى قراءة الشعر والأدب اليس كذلك
نظر الى وعيناه تنطقان بالحياء والخجل وقال
أنا أحب الشعر فعلا وأقرأ الأدب هوايتى الوحيدة وألتف حولنا عدد كبير من الزملاء فقدكانت هذة الفقرة من الندوة هى أكثر الفقرات جاذبيةوأكتاعا وسأل كلا منهم سوألا كان الجميع شغوفين بالحديث معة والأستماع الى أرائة التى تعكس ثقافة واسعة وطريقتة الخاصة فى الكلام التى جعلت الجميع ينصتون بأهتمام الى ردودة ويناقشونها معه حتى تحولت هذه الجلسة التى لم نرتب لها الى ندوة ثقافية مستقلة نجمها الوحيد طارق
لكن لمحت رغم كل هذا التألق مسحة حزن فى عينية ترى ماذا يخفى هذا البريق والتوهج فى أعماقة؟
سلمى القاهرة- الحادية عشرة مساء فى 12/12/1995
وضعت تلك الورقة فى ملف صغير أزرق اللون كان تحتفظ فيه بتلك الخواطر التى تلح عليها أحيانا فتفرغها على الورق ثم تضعها مع وريقات أخريات سبق أن كتبتها فى ظروف وأوقات متفرقة وأحيانا نتباعدة
كانت سلمى هى الابنة الوحيدة للدكتور عبد الرحمن ابراهيم طبيب أمراض القلب الشهير وصاحب البصمات الأنسانية المعروفة فقد بنى مستشفى صغيرا فى بلدتة التى نشأ فيه"طنطا" وقرر ان يكون العلاج بالمجان لكل أبناء بدلتة من غير القادرين وكان مافعلة غريب فعلا فقد وضع فى هذا المستشفى كل مدخراتة بعد أن أعطى لابنته سلمى وابنة الأصغر محمد نصيبهما الشرعى فى تلك المدخرات حتى يكملا تعليمهما ويبداّ حياتهما.
وكانت سلمى فخورة بأبيها الى أقصى درجة بل كانت دائما تتباهى بأنها أبنة الدكتور عبد الرحمن الرججل الذى وضع الأنسانية فى حياته فوق كل شيىء لم تبهرة الحياة المرفهة بأغراءتها لم تجعلة جامع أموال مثل زملائه بعض الأطباء الاقل شهرة منه بل أمتفى بحياة يوفر فيها الأحتياجات الأساسية لأسرتة الصغيرة وعلى رأسها التعليم والثقافة.
فى هذا المناخ الأسرى الجميل نشأت سلمى تحب أباها وأمها وأخاها الوحيد وعندما حصلت على الثانوية العامة اختارت كلية الطب حتى ترضى أباها الذى تحبة لكنة رفض أن تختار مايحبة هو كان يعرفميلها منذ صغرها الى دراسة الهندسة لذلك أصر أن يكون أختيارها نابعا من ذاتها وفقا لميولها وملكاتها الخاصةوفعلا التحقت سلمى بكليةالهندسة وزاد أعجابها بالنموذج الفريد الذى يمثلة ذلك الأب والذى أصبح مثلا أعلى لها فى الحياة كانت والدتها تحبها وتشفق عليها فى نفس الوقت فقد كانت تعلم ان أنبهارها بوالدها قد يقف عقبة أمامها فى المستقبل اذا ماقارنت بينه وبين أى شاب وكانت سلمى لاتنفى ذلك وتقول دائماً
لم أتزوج الا شابا يشبه أبى فى كل شيىء
كان أخوها محمد الطالب بالثانوى متعلقا لأكثر بأمه ربما كان يشعر بأن سلمى تحتل نصيب الأسد فى أهتمام والدها ولذلك كان قريبا أكثر من والدته.
تتغير الأقدار وتأتى الرياح بما لا تشتهى السفن أحيانا يسقط الدكتور عبد الرحمن فى المستشفى المجانى الذى بناه للفقراء فى بلدته يسقط وهو يزور المرضى ويطمئن على سير العمل هناك يتصل الأطباء بزوجته فى القاهرة ترسل سيارة أسعاف مجهزة الى طنطا وتسافر معها لتكون بجوار زوجها أثناء نقله الى القاهرة يدخل الدكتور عبد الرحمن الى غرفة العناية المركزة يشخص الأطباء حالته
ذبحة صدرية حادة سيمرب48 ساعة حرجة لو أجتازها بسلام سيعيش...
عادت سلمى مع امها وأخيها الى بيتها بعد يوم عصيب أمرهم الأطباء بالدهاب الى المنزل حتى الصباح ورفضوا ان يظلوا منتظرين بالردهة أمام غرفة العناية المركزة
كانوا يقفون خلف الباب الزجاجى ينظرون الى وجه والددهم من بعد تسبقهم دموعهم وأنينهم وهم يرون الأجهزة تحيط به من كل جانب وهو نائم فى سبات عميق.
حاولت الأم السيطرة على نفسها حتى تهدأ سلمى وحمد طلبت منهما أن يذهبا الى فراشهما ليستريحا قليلا حتى الصباح.
ظلت سلمى مستيقظة فى غرفتها كانت تغفو لدقائق قليلة متفرقة لتصحو من جديد نوم قلق متقطع قامت فى النهاية جلست على مقعد مكتبها فتحت درجها الخاص وأخرجت الملف الأزرق والقلم الحبر الأسود وبأت تكتب والدموع تلمع فى عينيها :
ارى الغروب فى عينيك تنسكب دموع قلبى لمشهد خفوت التوهج وتبدد الشعاع الساطع المضىء فى أعماق السحب البعيدة.
أرى كلمة الوداع مكتوبة على صفحة وجهك الحروف بارزة على جبهتك التى بهت لونها وتهدج الألم فوق ملامحها أرى أنسحاب الحياة فى نظرتك المطلة فى صمت وسخرية على شريط الأيام الماضية والرحلة التى أوشكت على الأنتهاء أرى الوجع المكتوم يتسكع فى الجسد الواهنويتمرد على رفع راية الأستسلام وأتذكر يا أبى كلماتك :
الحياة يا سلمى معركة دائمة يجب الا ننهزم فيها وعلينا أن نقاتل بشرف من أجل أنتزاع اللحظات السعيدة والأنتصارات الصغيرة طالما نحن أحياء وألا نستسلم أبدا فالأشجار تموت واقفة
أبى أنى أحبك...
سلمى
القاهرة- الرابعة والنصف فجرا فى 25/12/1995
فى صباح اليوم التالى نفذ أمر الله مات الدكتور عبد الرحمن ابراهيم ليترك الأسرة كلها فى حالة أنهيار تام خاصة سلمى مرت فترة الحداد وبدات الأم تقوم بدورها الطبيعيى لتمهيد أولادها لتقبل حكمة الحياة ومشيئة الخالق وبدأ أيقاع الحياة العادى يعود الى المنزل وتذهب سلمى الى كليتها ومحمد الى مدرستة أما الأحزان فقد أستقرت فى القلب فى ركن بعيد حميم
كان طارق هو أول من توجه الى سلمى يعزيها ويواسيها ثم تتابع قدوم الزملاء والزميلات يقدمون واجب العزاء لزميلتهم.. شعرت سلمى بالتأثر الحقيقى لمصابها فى كلمات ونظرة عينيه الناطقة مس صوتهى الملىء بالشجن مشاعر خاصة داخلها ومنذ ذلك اليوم أصبح لطارق فى نفسها مكانة خاصة لم تستوضح فى البداية حقيقة تلك المشاعر ولم ترد أن تصنفها أو تفسرها أكتفت بذلك الأحساس الطيب بوجود انسان حقيقى يملك حساً عميقاً ورفيعا وأن هذا الانسان زميل وصديق قريب منها كان هذا وحده يكفيها خاصة فى تلك الأيام العصيبة التى تمر بها الاّن مع أفتقاد أغلى الأحباب وبدأ أهتمامها بطارق وأهتمامه هو أيضا بها كان كل منهما يشعر بأن الأخر هو الأنسان الوحيد الذى يستطيع أن يقرأ ما بداخله دون أن يتكلم
وأحبت سلمى الشعر تأثرا بطارق وأطلعت صديقها الحميم على أدق مشاعرها أعطته ذات يوم الملف الأزرق هو الذى يحتضن أسرارها ..أحلامها..واّلامها أيضاً كان ذلك الملف الأزرق هو المفتاح الحقيقى الذى فتح به طارق قلب سلمى ووضع يده على كل تفصيلة صغيرة فيه قرأ وريقات كثيرة كتبتها عن والدها الذى رحل وترك فى قلبها الصغير حزناً كبيرا قرأ سطوراً جميلة لخواطر عابرة وجملا أعجبتها فى كتب قرأتها
توقف عند بيت شعر جميل كتبتة على أحدى الوريقات :
الحرف يبدأ من عينيك رحلته
كل اللغات بلا عينيك تندثر(نزار قبانى )
وفى ورقة أخرى أعجبته جملة رائعة..(الذكريات الجميلة هى طاقى الأمل التى نلجأ اليها فى أحزاننا) سلمى
تعمقت صداقتهما وزاد أرتباطهما كام كل منهما يعرف ويدرك تماماً أن تلك المشاعر التى يخبئها فى أعماقخ هى: الحب وماذا يكون الحب غير مايشعران وما يحمل كل منهما للاخر
لكنه لم يعترف لها أبدا بحبه وهى كذلك لم تعترف رغم ان كل شيىء يعلن عن قصة حب حقيقية ولدت فى تربة خصبة فنمت وترعرت فى أشعة الشمس وأثمرت أشجاراً وورودا وخضرة.
انتظرت سلمى أن يتكلم طارق ويبوح لكن ذلك لم يحدث حتى كان ذلك اليوم ذهبا معا فى رحلة أعدتها أسرة شموع فى الكلية الى مدينة الأسماعيلية وكان جميع الزملاء فى جلسة سمر بعد تناول الغداء على شاطىء البحر لاحظت سلمى عدم وجود طارق بينهم فتلفتت حولها تبحث عنه لمحته من بعد
يجلس على الرمال وحه فأبتسنت وذهبت اليه دون أن تحدث صوتاً لتفاجئه فى حركة طفولية مرحة اقتربت من مكانه فرأته يمسك بقطعة سعف صغيرة ويكتب بها على الرمال حدقت أمامها تحول قراءة ما كتب قرأتة بينما أضطربت ضربات قلبها وتسارعت
كان أسمها مكتوب على الرمال...
جلست أمامه أطال التطلع فى وجهها فى نظرة عميقة نافذة كان رذاذ البحر يتناثر فوق بشرتها ونسمات الهواء تتدافع لتحرك خصلات شعرها الطويل لحظات من الصمت تولت خلالها عيونهما مهمة الأعتراف قطعها مجىء الزملاء يضحكون ويمرحون فى صخب ويدعونهما الى الأشتراك فى المسابقات التى أقامتها الأسرة فى نهاية الرحلة.
عاشت سلمى ليلتها محلقة كانت تسبح مع أحلامها ومشاعرها بين السحب فى زرقة السماء لقد كان اليوم ميلادا جديدا فى حياتها يوم أن أعترف طارق بحه لها لم تكن تعرف ان الصمت لغة لها قوة لغة الكلام وربما أكثر.
لقد سمعت طارق يقولها سمعته بقلبها بأحساسها بكل كيانها لم تكن تحتاج لأذنين فقد كان ردار القلب لأقوى ألف مرة...
وتمنت أن يكون والدها الحبيب موجودا حتى تحكى له أه حدث فى حياتها:
خفقان قلبها بالحب لاون مرة وأخر مرة أيضاً نعم.. لا اعتقد ان تلك المشاعر يمكن أن تتكر فاحساسى بطارق فريد فية من السماء صفوها ومن البحر عنفوانه وتمرده
نامت سلمى أخيراً مثل عصفور صغير ينتظر الصباح أن يهبط حتى يستيقظ ليفرد جناحيه ويطير ويملاء الدنيا بشدوه الجميل ظلت سلمى طوال اليوم تفتش عن طارق سالت عنه زملاءه فى الفرق الثالثة فقالوا طارق لم يأت اليوم؟
ذهبت فى فترات الراحة بين محاضراتها فى الفرقة الأولى الى المكتبة حيث كان يقضى طارق معظم أوقاتة فلم تجده كذلك؟
أحتلها القلق وتدافعت التساؤلات الى رأسها المرهق.
ماذا حدث ياترى هل أصابه مرض أم حدث له ظروف
منعتة من المجىء الى الكلية؟
عادت الى المنزل حزينة لاحظت أمها ذلك حاولت ان تعرف منها السبب لم تقل سلمى شيئا فى البداية لكنها بعد قليل ذهبت الى امها فى غرفتها وحكت لها كل شيىء
أبتسمت الأم وقالت لها لا تقلقى ربما كان مريضا ومن المؤكد سوف يذهب الى الكلية غداً أو بعد غد لا تقلقى يا حبيبتى
ثلاثة أيام كاملة عاشتها سلمى حزينة قلقة حتى ظهر طارق فى اليوم الرابع أندفعت نحوه تسألة عن سبب انقطاعه عن الكلية فقال لها باقتضاب لم تعتده منه.
أبدا كان عندى بعض المشاوير الخاصةوالأتزامات التى أضرتنى للتغيب
ولاحظت سلمى الارهاق بادياً على وجه طارق وكذلك لفت نظرها انه لم يحلق ذقنه وأحست أن شيئا ما قد حدث وأنه لا يريد أن يبوح به؟
سألته
طارق ِأرجوك أخبرنى ماذا حدث مظهرك يدل على أنك لم تنم هل حدث مكروه لا قدر الله لأحد من عائلتك؟
أجابها بنفس الأقتضاب دون أن ينظر أليها لا لا شيىء يا سلمى لماذا لاتريدين أن تصدقينى من
فضلك سوف أذهب الأن عندى محاضرة
أنخرطت سلمى فى البكاء فى غرفتها دخلت عليها أمها فأنزعجت:
مالك يا سلمى ماذا حدث قولى مالك يا حبيبتى ؟
مسحت دموعها وبدأت تتكلم
طارق يا ماما تغير بدون سبب تغير أحساسى يقول أن هناك شيئا يخفيه يخجل منه ولا يريد ان يتكلم عنه
هدأتها أمها وقالت
أهدئى يا سلمى وأنتظرى ربما كان هناك شيىء لا نعرفه.
أعلنت أسرة شموع عن ندوة شعرية كان طارق أحد المشاركين فى الندوة كالمعتاد ترددت سلمى هل تذهب أم لا تذهب حتى لاتحرج نفسها مرة أخرى مع طارق وأخيرا قررت الذهاب وأيدت أمها هذا الرأى
فى الندوة أعد طارق مقتطفات جميلة من أشعار نزار قبانى....
وقال فى بداية الندوة اننى أهديها الى أنسانة أقرب الى الملائكة فى صدقها ونقائها وأضاف قائلا: وهى تعرف نفسها دون أن أذكر اسمهاوبدأ يلقى الأشعار
يسافر الحب مثل السيف فى جسدى
ولم أخطط له...لكنة القدر
هزائمى فى الهوى تبدو معطرة

انى بحبك مهزوم ومنتصر
يامن أحبك حتى يستحيل فمى
الى حدائق فيها الماء والثمر
مادام حبك يعطينى عباءتة
فكيف لا أفتح للدنيا وأنتصر؟
انصرفت سلمى بعد الندوة مباشرة لم تشأ أن تفرض نفسها على طارق رغم أنها شعرت بل كانت على يقين من أنها المقصودة بالاهداء وأن طارق اختار من الأشعار ما يعبر عن مشاعرة تجاهها تلك المشاعر التى قرأتها فى عينيه دون أن يفصح عنها لسلنه
كانت سلمى فى طريقها الى سيارتها الصغيرة
التى ورثتها مع أسرتها عن أبيها الدكتور عبد الرحمن عندما أوقفها صوت طارق من الخلف
سلمى هل تسمحين لى بكلمة؟
أرتجف قلبها وتسارعت دقاته قالت باضطراب
طارق أهلا تفضل
نظر اليها كانت عيناه تفيضان بمشاعر الحب المكتم وتلمعان بدمعة شجنقال:
أرجوك يا سلمى لا تحزنى فالعيون الجميلة لم تخلق للدموع وأنا أعرف كم سكبت من الدموع فى الفترة الأخيرة لم أقصد أن أسبب لك أى ألم فأنت أنت أغلى انسانة فى حياتى صدقينى أنسابت دموع سلمى رغما عنها وهى تستمع الى كلام طارق
نظرت الية والدموع تملاء عينيها وقالت
أذن لماذا لماذا كل هذا الغياب يا طارق من حقى أن اعرف السبب على الأقل
ربت على يديها وقال بتأثر
السبب للأسف ليس فينا نحن لا أنا ولا أنت
أذن ماهو السبب أرجوك أنا أقرب أنسانة اليك وقد فتحت لك قلبى وبحت بكل شيىء فلماذا تخفى عنى أشياء
وتتعذب بها وحدك
السبب يا سلمى قاس جارح أخشى أن تتغير نظرتك لى أذا ماعرفتية
اننى أعرفك جيدا يا طارق ومهما كان ذلك الشيىء فتأكد أننى أفهمك وأقد أن هناك أحيانا ظروفا لا نختارها بل تتختارها لنا الأقدار وعلينا أن نتقبلها كما هى
نظر اليها نظرة مفعمة بالحب وقال
تعدينى يا سلمى؟
أبتسمت وقالت
أعدك يا طارق
وباح طارق بسره الى الحبيبة سلمى قال
أحببتك نعم يا سلمى بكل وجدانى بقلبى بعقلى ومشيت فى دمى وشرايينى عرفت الحب معك قرأته فى عينيك لكن كان هناك دائما حاجز كبير بينى وبينك
حاجز أى حاجز يننا يا طارق؟
لا تتعجبى فهناك حواجز ليست من صنعنا لكنها قطعا تؤثر فينا وتغير أحيانا مسار حياتنا
هذا كلام عجيب فعلا خاصةأذا صدر من أنسان واع له أفق واسع مثقف ويعرف أن ارادة الانسان وايمانه بشىء ما يمكن أن يقهر المستحيل
سلمى أنا أبن موظف عادى ليس لدية ثروة ولا سيارة ولا أموال فى البنك أنا يا سلمى مؤمن بقدراتى ومدرك أن المستقبل أمامى
ان شاء الله لكن طريقىطويل طويل وانت شابة جميلة رائعة ماذنبك أن تنتظرى ويطول أنتظارك حتى أصبح العريس الجدير بك ابتسمت سلمى وأسترخت ملامحها وغطت وجهها عللنات الراحة والهدوء
وبأت تتكلم
أهذا هو كل شيىء يا طارق
لا لست على حق ربما نسيت الكراسة الزرقاء ربما
نسيت ماكتبته عن والدى الدكتور عبد الرحمن الذى ربانى على قيم أهمها الا تكون المادة فى مقدمة أولوياتى فى الحياة بل الدين والأخلاق والعلم نسيت أنوالدى تبرع بكل مدخراتة قبل ان يموت لبناء مستشفى للفقراء ولم يترك لنا الا تصيبنا الشرعى من ميراثه ختى نكمل تعليمنا انا وأخى وهذا الملغ الذى وضعته أمنا فى ودائع هو الذى نعيش منه الأن صحيح أنه مبلغ يغنيننا عن السوأل ويوفر لنا حياة ميسرة لكنها ليست مرفهة كما تظن
وأستطردت حتى السيارة القديمة التى أركبها هى سيارة أبى وهى لنا جميعا وليست سيارتى وحدى
وأبتسمت بسخرية وقالت
لو الدكتور عبد الرحمن هنا الان لعاتبك عتابا شديدا على كل ما قلته ان الأنسان قيمتة فى أخلاقه ومثالياته وعمله وفى ملكاته وتميزه لا فى رقم رصيده فى البنك
علت وجهه أبتسامة مشرقة وقال
لكن هذا الكلام غريب جدا بالنسبة لبنات جيلك انهن يتحدثن عن العريس الجاهز صاحب السيارة الفارهة والشالية فى الساحل الشمالى ويحلمن بفتى الأحلام الذى يقيم لعروسة فرحا فى الهيلتون ألست منهن يا سلمى لقد أصبحت هذه النغمة السائدة الأان فكيف تعرفين أنشودة المثالية فى زمن الماديات؟
لاننى ابنة الدكتور عبد الرحمن يا طارق
أبتسم طارق ابتسامة رضا وقال اليوم تأكدت اننى محظوظ
طلب طارق من سلمى أن تحدد له موعدا لمقابلة والدتها
رحبت سلمى بالفكرة وقالت ستسعد أمى كثيرا بهذه الخطوة فهى ايضا تريد ان تراك
وفى الموعد المحدد ذهب طارق الى منزل سلمى ليتعرف بأسرتها كان يحمل باقة زهور جميلة بثها كل مشاعره وقدمها الى الحبيبة سلمى استقبلتها بحب وفرح وراحت تنسقها فى فازة كبيرة أنيقة والسعادة ترفرف من حولها وجدت مظروفا صغيرا مشبوكا على ورق السوليفان فتحت المظروف لتجد ورقة صغيرة مكتوبة بخط منمنم دقيق تعرفة جيدا وتحبة أيضا وقرأت السطور
وعدتك بالغاء عينيك من دفتر الذكريات
ولم أك أعلم انى سالغى حياتى
ولم أك أعلم أنك
رغم الخلاف الصغير أنا وأنى أنت
وعدتك ألا أحبك ياللحماقة ماذا بنفسى فعلت؟
هل كنت أكذ من شدة الصدق
كانت عينا سلمى تلمعان بالفرح والشجن معا وهى تقرأ تلك السطور أحست لأاول مرة بأن الدنيا كلها تفتح ذراعيها لتحتضن حبها الوليد..........