وريقات
وأنا غريق بين أحزاني تطاردني الشوارع للأزقة .. للحفر ! في الوجه أطياف من الماضي وفي العينين نامت كل أشباح السهر والثوب يفضحني وحول يدي قيد لست أذكر عمرهُ لكنه كل العمر .. لا شيء في بيتي سوى صمت الليالي والأماني غائمات في البصر
بالرغم منّا .. قد نضيع قد قال لي يوماً أبي إن جئت يا ولدي المدينة كالغريب وغدوت تلعق من ثراها البؤس في الليل الكئيب قد تشتهي فيها الصديق أو الحبيب إن صرت يا ولدي غريباً في الزحام أو صارت الدنيا امتهاناً .. في امتهان أو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوان إن ضاقت الدنيا عليك فخذ همومك في يديك واذهب إلى قبر الحسين وهناك صلي ركعتين (2) كانت حياتي مثل كل العاشقين والعمر أشواق يداعبها الحنين كانت هموم أبي تذوب .. بركعتين كل الذي يبغيه في الدنيا صلاة في الحسين أو دعوة لله أن يرضى عليه لكي يرى .. جد الحسين قد كنت مثل أبي أصلي في المساء وأظلُ أقرأ في كتاب الله ألتمس الرجاء لا شيء فيك مدينتي غير الزحام أحياؤنا .. سكنوا المقابر قبلَ أن يأتي الرحيل هربوا إلى الموتى أرادوا الصمت .. في دنيا الكلام ما أثقل الدنيا ... وكل الناس تحيا .. بالكلام (4) وهناك في درب المدينةِ ضاع مني .. كل شيء أضواؤها .. الصفراء كالشبح .. المخيف جثث من الأحياء نامت فوق أشلاء .. الرصيف ماتوا يريدون الرغيف شيخٌ ( عجوز ) يختفي خلف الضباب ويدغدغ المسكينُ شيئاً .. من كلام قد كان لي مجدٌ وأيامٌ .. عظام قد كان لي عقل يفجر في صخور الأرض أنهار الضياء لم يبق في الدنيا حياء قد قلتُ ما عندي فقالوا أنني المجنونُ .. بين العقلاء أيامي هنا تمضي مع الحزن العميق وأعيشُ وحدي .. قد فقدتُ القلبَ والنبضَ .. الرقيق دربُ المدينة يا أبي دربٌ عتيق تتربع الأحزانُ في أرجائه ويموت فيه الحب .. والأمل الغريق أين المفر؟ والعمرُ يسرع للغروب أبتاهُ .. لا تحزن فقد مضت السنين ولم أصلِّ .. في الحسين لو كنتَ يا أبتاهُ مثلي لعرفتَ كيف يضيع منا كلُ شيء بالرغم منا .. قد نضيع بالرغم منا .. قد نضيع من يمنح الغرباءَ دفئاً في الصقيع؟ من يجعل الغصنَ العقيمَ يجيء يوماً .. بالربيع ؟ من ينقذ الإنسان من هذا .. القطيع ؟
وقد عشت عمري سجين الشقاء! أخاف القيود وليل السجون وهل بالقيود يكون العطاء..؟! أريد الحياة ربيعا وفجرا وحلما أعانق فيه السماء فماذا تفيد قيود السنين نكبل فيها المنى والرجاء؟! ترى هل تريدين سجنا كبيرا وفي راحتيه يموت الوفاء؟ أريد الحياة كطير طليق يرى الشمس بيتا يرى العمر.. ماء أريدك صبحا على كل شيء كفانا مع الخوف ليل الشقاء!!
الحرف يقتلني أنا شاعر .. مازلت أرسم من نزيف الجُرح أغنية جديدة .. ما زلت أبني في سجون القهر أزماناً سعيدة مازلت أكتبُ رغم أن الحرف يقتلني ويلقيني أمام الناس أنغاماً شريدة .. أو كلما لاحت أمام العين أمنية عنيده .. ينساب سهم طائش في الليل .. يُسقِطُها .... شهيدة ...
العدو خلف السراب
تزيد المسافات بيني وبينك تخبو الملامح شيئا.. فشيئا وتغدو مع البعد بعض الظلال وبعض لأتذكر.. بعض الشجن ويغدو اللقاء بقايا من الضوء تبدو قليلا.. وتخبو قليلا.. وتصغر في العين تسقط في الأفق ترحل كالعطر تغدو خطوطا بوجه الزمن.. فماذا سنحكي.. وكل الملامح صارت ظلالا وكل الذي"كان" أضحى خيالا وأصبحت أنت الزمان البعيد أعود إليه.. فيبدو محالا تزيد المسافات بيني وبينك يخبو البريق ويحملني الشوق ألقي بنفسي على شاطئيك فأرجع منك.. وبعضي حريق.. وأسأل نفسي على أي درب سألقاك يوما وقد صار وجهك في كل درب يطوف بعيني طريق أشد الرحال إليه.. فيهرب مني طريق أعود غريبا عليه.. فيسأل عني.. طريق يداعبني من بعيد فأجري إليه ويصرخ.. دعني.. على أي درب سألقاك يوما وفي أي درب ستصرخ حزنا دماء البريء.. فأنت الزمان الذي قد يجيء وأنت الزمان الذي لن يجيء وأنت الصباح الذي ضاع في العين بين الرحيل.. وبين المجيء فحينا يسافر.. حينا يغامر ويسقط عمري بين الرحيل.. وبين المجيء.. * * * تزيد المسافات بيني وبينك أسكن عينيك أبني جدارا من الحلم حولك أحميك من يأس حلمي وأبني قصورا على شاطئيك لأنا نعيش زمانا كئيبا أخبئ حلمي في مقلتيك لأنا سقطنا على الدرب خوفا وبعثرنا العمر خلف الفضاء وصرنا رياحا.. و ظلا.. وعطرا وصرنا سحابا.. يطوف السماء وصرنا دموعا على مكل عين وفي كل جرح غدونا دماء فكنا الخطيئة كنا الهداية كنا مع اليأس.. بعض الرجاء.. * * * وتبقى المسافات بيني وبينك سدا يبعثر أحلامنا.. لأنا نسير على غير درب ونمشي وندرك أن الخطا قد تهاوت وأن الطريق يجافي القدم فما عاد في الدرب غير الألم.. فهل من زمان.. يعيد الطريق لأقدامنا وهل من زمان يلملم بالصبح أشلاؤنا تعبنا من العدو خلف السراب وذقنا زمانا بأحزانا ونمضي مع العمر حلما طويلا وتغدو المسافات هما ثقيلا ومازلت أمضي و أمضي إليك وإن كان عمري يبدو قليلا.
المغني الحزين
غنائي الحزين.. ترى هل سئمتم غنائي الحزين؟ وماذا سأفعل.. قلبي حزين زماني حزين وجدران بيتي تقاطيع وجهي.. بكائي وضحكي حزين حزين؟ * * * أتيت إليكم.. وما كنت أعرف معنى الغناء وغنيت فيكم.. وأصبحت منكم وحلقت بالحلم فوق السماء.. حملت إليكم زمانا جميلا على راحتيا فكل الذي كان عندي غناء وما كنت أحمل سرا خفيا وصدقتموني.. فماذا سأفعل يا أصدقاء إذا كان صوتي توارى بعيدا وقد كان صوتا عنيدا قويا؟ إذا كان حلمي أضحى خيالا يطوف ويسقط في مقلتيا؟ وصار غنائي حزينا.. حزين * * * لقد كنت أعرف أني غريب وأن زماني زمان عجيب وأني سأحفر نهرا صغيرا وأغرق فيه وأني سأنشد لحنا جميلا وأدرك أني أغني لنفسي وأني سأغرس حلما كبيرا ويرحل عني.. وأشقى بيأسي.. فماذا سأفعل يا أصدقاء؟ أتيت إليكم بلحن جريح فجدران بيتي دمار.. وريح وبين الجوانح قلب ذبيح فحيح الأفاعي يحاصر بيتي ويعبث في الصمت صوت كريه إذا راح عمر قبيح السمات رأينا له كل يوم شبيه وفئران بيتي صارت أسودا فتأكل كل طعام الصغار وتسرق عمري.. وتعبث فيه * * * أنام وفي العين ثقب كبير فأوهم نفسي بأني أنام وأصحو وفي القلب خوف عميق فأمضغ في الصمت بعض الكلام أقول لنفسي كلاما كثيرا وأسمع نفسي.. وألمح في الليل شيئا مخيفا يطوف برأسي ويخنق صوتي.. ويسقط في الصمت كل الكلام * * * فلا تسأموني إذا جاء صوتي كنهر الدموع فما زلت أنثر في الليل وحدي بقايا الشموع إذا لاح ضوء مضيت إليه فيجري بعيدا.. ويهرب مني وأسقط في الأرض أغفو قليلا وأرفع رأسي.. وأفتح عيني فيبدو مع الأفق ضوء بعيد فأجري إليه.. وما زلت اجري.. و أجري.. وأجري.. حزين غنائي ولكن حلمي عنيد.. عنيد فما زلت أعرف ماذا أريد ما زلت أعرف ماذا أريد
إنسان.. بلا إنسان
كم أمسكت عند الحديث لساني ما كنت احسب ذات يوم أنني سأصير إنسانا.. بلا إنسان
فاروق جويدة
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية